النظرية النسبية الخاصة والسفر بسرعة الضوء
هل حلمت يوما بالسفر بسرعة تقارب سرعة الضوء؟ التجوال في الكون و مشاهدة المناظر المختلفة يبدو امرا ممتعا. ولكن الامر ليس بهذه البساطة. هناك بعض الاشياء التي علينا اخذها بعين الاعتبار قبل ان تقفز في مركبتك الفضائية. فكلما اقتربنا من سرعة الضوء، الفيزياء العادية التي نعرفها في الارض تصبح بحاجة الى بعض التعديلات. واذا فكرت ان اينشتاين سيدخل في الصورة, فانك على حق!
نعيش حياتنا اليومية بما يسميه العلماء الفيزياء النيوتونية (القوانين التي وضعها نيوتن, وهو الشخص صاحب التفاحة الشهيرة). تخيل انك على رصيف وتشاهد صديقك داخل حافلة يسير نحو مقدمتتها بينما تتحرك. فاذا كان الباص يتحرك بسرعة 30 ميل في الساعة و صديقك يمشي بسرعة 3 ميل في الساعة, فان صديقك سيبدو لك كانه يسير بسرعة 33 ميل في الساعة. فما ستقوم به ببساطة هو جمع سرعته مع سرعة الباص. هذا مثال بسيط على الفيزياء النيوتونية.
ولكن, تخيل ان صديقك الذي في الباص قام باشعال مصباح, وقام كلاكما بقياس سرعة الضوء الناتج عنه. ستكون السرعة المحسوبة متساوية لدى كلاكما وهي 670 مليون ميل في الساعة. هذه هي سرعة الضوء, فحتى لو كان المصباح مع صديقك في الباص المتحرك فان سرعة الضوء التي حسبتماها كلاكما ستكون متساوية. وهنا يكمن الاختلاف بين فيزياء اينشتاين ونيوتن.
هذا الاستنتاج الذي وصلنا اليه كان جزءا اساسيا من النظرية النسبية الخاصة "special theory of relativity" التي وضعها اينشتاين. سرعة الضوء تكون متساوية عند اي مراقب بغض النظر عن سرعته بالنسبة لمصدر الضوء. هذا الاستنتاج يؤدي الى بعض التاثيرات الغريبة.
قبل ان نتحدث عن هذه التاثيرات, من الجيد ان ناخذ لحظة ونتحدث عن نقطة المرجع. فالى نهاية هذا الحوار سنفترض انك ساكن لا تتحرك. اي انك جالس في نقطة واحدة في الفضاء. وسيكون صديقك هو من يتحرك في مركبة فضائية تسير بسرعة تبلغ 90% من سرعة الضوء. و كلاكما لا يغير سرعته او اتجاهه. هذا ما يسميه العلماء بالاطار المرجعي للقصور الذاتي.
بعد ان هيئنا الوضع, يمكننا الان التحدث عن بعض التاثيرات الغريبة للسفر بسرعة قريبة من سرعة الضوء. فالنسبية تعبث ببعض المفاهيم كالزمن والمسافة وتصنع اشياءا قد تدهشك!
لنقل ان لديك عصاً طولها 91 سم وكان صديقك - الذي بداخل مركبة الفضاء - لا يعرف طولها. وقام بقياس طولها بمسطرة لديه عندما مر بجانبك بسرعة. سيكون طولها الذي يقيسه هو 40 سم, وهو طول اقل من نصف ما قسته انت! هذا التاثير يعرف باسم انقباض الطول "length contraction". وكلما زادت سرعة حركة صديقك سيكون الطول الذي يقيسه اقصر. والامر الغريب هنا انه اعتمادا على النسبية فكلا القياسين صحيحين! و يشاهد العلماء هذا التاثير يوميا في دراسة الجزيئات والذرات التتي تحرك بسرعة عالية, فهو ليس محض تصور نظري.
اذا كان صديقك يتحرك نحو اقرب نجم لنا وهو بروكسيما سينتوري "Proxima Centauri", ما المسافة التي سيظن انه قطعها؟ يقدر بعد هذا النجم عنا ب 4.2 سنة ضوئية (السنة الضوئية هي وحدة قياس مسافة تساوي المسافة التي يقطعها الضوء في سنة اي 5.8 مليار ميل). ولكن صديقك الذي يتحرك بسرعة تساوي 90% من سرعة الضوء سيقدر المسافة انها تساوي 1.8 سنة ضوئية.
والان لنقل انك انت وصديقك لديكما ساعتين متطابقتين وقمتما بضبطهما على نفس الوقت قبل مغادرته. عندمل وصل صديقك لنجم بروكسيما سينتوري ارسل اليك اشارة واخبرك بالوقت الذي استغرقته رحلته. ساعته تقول ان الرحلة استغرقت سنتين تقريبا (تذكر انه قاس المسافة على انها 1.8 سنة ضوئية). ولكن انت سترى ان ساعتك التي بقيت معك تقول ان الرحلة استغرقت 4.7 سنة, اي اكثر من ضعف المدة! هذا التاثير يسمى توسع الزمن "Time Dilation".
لا ياخذ اي مما قلناه بعين الاعتبار تسارع صديقك وتوقفه عند نجم بروكسيما سينتوري. كل هذه المعادلات تزداد تعقيدا اذا كنت انت او صديقك تزداد سرعتكما او تقل او تغيران اتجاهكما. على سبيل المثال. اذا توقف صديقك عند النجم فانه سيكون قد زاد عمره بمقدار اقل منك!
الان انت مستعد للانطلاق في رحلتك بسرعة قريبة من سرعة الضوء!
التعليقات على الموضوع